الحرب سبب إضافي: التمديد لقائد الجيش شبه محسوم

على إيقاع ضغوطٍ داخليّة وخارجيّة، يسلّك ملف التمديد لقائد الجيش اللّبنانيّ، العماد جوزيف عون، طريقه إلى الإقرار، تفاديًّا لاحتمال الشغور في منصبٍ قياديّ كهذا، في خضّم أزمات لبنان المستفحلّة والمتناسلة، أعظمها الحرب وأكثرها خطورةً هو الشغور في مختلف المناصب. وتحديدًا تلك الّتي يشغلها قادة الأجهزة العسكريّة والأمنيّة في هذه اللحظة اللّبنانيّة الحرجة والتحدي الذي يتربص بالدولة وأجهزتها..

قرار التمديد
ولمّا كان الظرف الحالي، لا يسمح بتعيين قائدٍ جديد للجيش (بما يتخلّل ذلك من سجالاتٍ سياسيّة)، تطفو على السّطح اقتراحاتٌ قانونيّة عديدة لإيجاد صيغة أو توليفة لهذا التمديد عبر مجلس النواب باقتراحٍ قانونيّ، بعدما تعثّر تمرير القرار عبر الحكومة. وهذا ما يتبدى جليًّا بزيارة قائد الجيش لرئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، صباح الإثنين، حيث تبرز مؤشرات الحديث عن الملف لحسمه قبل انتهاء ولاية عون.
وإذا كانت المواقف المُعلنة تُشير إلى أن الاتصالات لا تزال مستمرة، إلّا أنّه وفي الكواليس تُشير المصادر لكون قرار التمديد لثلاثة ألويّة (عماد عثمان، طوني صليبا، إلياس البيسريّ) وعماد واحد (جوزيف عون)، بدأ يتبلور، ومن المُرجّح أنّه يتجه إيجابيًّا للبتّ به.

في جلسةٍ عامّة لمجلس النوّاب بتاريخ 15 كانون الأوّل الفائت، وبعد تباينٍ وسجالاتٍ حادّة، تمّ إقرار قانون التمديد لقادة الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة برتبة لواء وعماد، بناءً على اقتراح قانونٍ معجّل مكرّر لمدّة سنة تنتهي في العاشر من كانون الثاني المقبل. واليوم، وللسّنة الثانيّة على التوالي، تتجدّد هذه التجاذبات السّياسيّة بين الكتل المختلفة على صيغة التمديد.

ففي وقتٍ تقترح فيه “القوّات اللّبنانيّة” قانونًا للتمديد لقائد الجيش وحده، ترفض كُتلٌ أخرى هذا الاقتراح، الذي قد يكون معرضًا للطعن بسبب تخصيصه شخصًا بعينه ولعدم شموليته؛ تسعى أخرى وبينها كتلة “الاعتدال الوطنيّ” للتقدّم باقتراح قانون مُعجّل مُكرّر آخر، للتمديد لقائد الجيش ومعه مدير عامّ قوى الأمن الداخليّ اللواء عماد عثمان، مما قد يؤدي إلى التمديد لكافة القادة العسكريين والأمنيين. وتجنح طروحات أخرى لاقتراح قانونٍ يرمي لرفع سنّ التقاعد لقادة الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة، كمثل الذي تقدّم به الحزب التقدميّ الاشتراكيّ، العام الماضي.

واتصلت “المدن” بمختلف ممثلي الكُتل النيابيّة لمعرفة الاتجاه العامّ لهذه الكتل ومواقفها بما يتعلق بهذا الملف، وتحديدًا بما يرتبط باقتراح القوّات اللّبنانيّة الرامي للتمديد لقائد الجيش وحده. ذلك مع الإشارة لكون “المدن” حاولت التواصل مع النائب جورج عدوان مُقدّم الاقتراح إلّا أنّه اعتذر عن التصريح في الوقت الحالي.

رفض التمديد
من جهته، يقول عضو كتلة “لبنان القويّ” النائب غسان عطالله، إن الكتلة لم تطلع حتّى اللحظة على أي مقترحات ولم يتمّ التواصل معها بهذا الشأن بعد. وأشار “نحن نعتبر أن للمؤسسة العسكريّة قانوناً، ويجب احترامه، ولهذا نرفض التمديد لقائد الجيش، لأنه ببساطة يجب أن نُحيد المؤسسة عن السّياسة، وهي قادرة على تنظيم وضعها من دون تدخلات سياسيّة. منصب القيادة لن يكون شاغرًا في نهاية ولاية عون، فالترقي موجود في المؤسسة وكذلك في سائر المؤسسات، لا يجوز أن نتعود على التعديل والتمديد كل فترة وعند كل استحقاق”.

وفي سؤاله عن مقترح القوّات اللّبنانيّة الذي قدّمه النائب جورج عدوان، أكدّ عطالله مجدّدًا، أنّهم لم يتلقوا حتّى اللحظة أي اقتراح ولم يطلعوا عليه بعد، قائلًا: “يبدو أن مقترح التمديد ينمّ على رضى القوّات بالفراغ، ولا يشاركون بجلسات البرلمان سوى عند جلسات انتخاب الرئيس. وعندما مدّد المجلس للمجالس البلديّة والاختياريّة، استنفروا ورفضوا ذلك”. ويستطرد عطالله متسائلًا: “وهذا الاقتراح للتمديد يبدو مستغربًا، فهل يعمل نواب القوّات “على القطعة”؟”. وتمسّك عطالله بالصيغة الّتي تمّ طرحها في العام الماضي، وهي الاتجاه إلى تعيين قائدٍ جديد للجيش. وكان التيار الوطني الحرّ قد رفض آخر مرّة التمديد واتجه للمطالبة بعقد جلسة حكوميّة يُشارك فيها وزرائه والبتّ بتعيين قائدٍ جديد.

اقتراحات أخرى
النائب بلال عبدالله، وفي معرض سؤاله عن الرؤية الّتي يقترحها الحزب التقدميّ الاشتراكيّ، قال إنّ الرؤية لم تُبلور بعد، وسيعقد نواب الكتلة الثلاثاء اجتماعًا للتباحث بهذا الشأن تحديدًا.
أما عضو كتلة التنميّة والتحرير، النائب محمد خواجة، فأكدّ لـ”المدن” أن الاقتراحات لم تُوزع بعد على النواب، ولا يُمكن الحديث أو التعليق عن خيارات الكتلة لا إيجابيًّا ولا سلبيًّا في الوقت الحالي. واعتبر خواجة أن زيارة عون لرئيس البرلمان نبيه برّي، لا تتعلق طبعًا بالتمديد.
وعلمت “المدن” من مصادر مطلعة، لكون كتلة الاعتدال، لا تزال تبلور طرحها وتتشاور فيما بينها بما يختص بالطرح الذي سيتمّ تقديمه، وسيتمّ الإعلان عنه في الوقت المناسب.

والحال، أن كل المؤشرات الّتي تدل على تكرار سيناريو العام الفائت، حيث احتدت الخلافات بين مختلف الأطراف حول التمديد لقائد الجيش ومعه سائر القادة الأمنيين. وتشير المصادر لكون الخلافات ستكون أقلّ حدّة هذا العام، نظرًا لحساسيّة الوضع، وتُرجّح مصادر “المدن”، لكون المخرج النهائيّ ممكن أن يكون بما ستقدمه كتلة الاعتدال. وأفادت بأن الأمور قد تنجلي مطلع الأسبوع المقبل.

المدن

Exit mobile version