أعلن الموفد الأميركي عاموس هوكستين، الثلاثاء، عن وجود “فرصة حقيقية” لإنهاء النزاع بين لبنان وإسرائيل، مؤكدا أن “الحل أصبح قريبا” والنافذة مفتوحة للتوصل إلى اتفاق، خلال الأيام المقبلة.
وأشار هوكستين، عقب لقاء استمر ساعة ونصف مع رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، إلى أن المحادثات تهدف إلى “تضييق الفجوات” القائمة منذ أسابيع.
ووصل المبعوث الأميركي، صباح اليوم الثلاثاء، إلى مطار بيروت الدولي، من اجل استلام الردّ اللبناني على مسودّة اتفاق وقف اطلاق نار بين لبنان واسرائيل المدعوم بالوساطة الاميركية، ويحمل شروطا اسرائيلية صارمة غير قابلة للتنازل عنها، حسب تعبير اعلام العدوّ.
شروط نتنياهو
ويترقب اللبنانيون بلهفة نجاح الوساطة الاميركية، من اجل انهاء الحرب الشاملة التي شنها الاسرائيليون على لبنان منذ 27 ايلول الفائت، عشية اغتيالهم لأمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله، واسفرت عن مقتل وجرح الاف الضحايا وتدمير عشرات الاف المساكن والمنشآت في جنوب لبنان والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت خصوصا.
غير أنه وبحسب الاعلام اللبناني والعبري، فان الطرف الاخر، المتمثل برئيس وزراء العدو الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، يشترط ان يتضمن اتفاق وقف اطلاق النار بين لبنان واسرائيل بند «مبدأ الدفاع عن النفس» الذي تدعو المسودّة الى اعتماده كحق للطرفين، وبند آخر يتعلق بعضوية لجنة الرقابة على تطبيق القرار المؤلفة من بريطانيا والمانيا، وهو ما رفضه لبنان، وحمل الردّ على البند الاول حسب المعلومات ان يكون الجيش اللبناني، وقوات “اليونيفيل”، ضامنين مشتركين من اجل التحقق بالخروقات المزعومة من الطرفين، فيلتزمان بتطبيقها وفق الية محددة.
ان المحللين في لبنان كانوا قد توقعوا ان يعمد حزب الله الى رفض شروط نتنياهو التي تكبله وتلغيه عسكريا، كون الحزب عبارة عن بنيان امني عسكري قبل اي شيء
وفي تصعيد لشروطها تعتبر إسرائيل ان مبدأ التدخل ليس قابلاً للنقاش، فإسرائيل حسب المسودة التي وصلت لبنان، يمكن لها أن تتدخل بعد أن تكون اللجنة قد حاولت ولم تنجح، وكذلك تصر اسرائيل على تفكيك البنى العسكرية لـ «حزب اللّه» ليس فقط جنوب الليطاني بل في شماله أيضاً.
يتمسّك الإسرائيليون بالشروط التي يضعونها، ويعتبرون أن تطبيقها غير خاضع لأي نقاش، فإمّا أن تُطبَّق بالتفاهم والتفاوض، وإمّا أن تطبَّق بالقوة، كما هو حاصل اليوم وتحديداً منذ أيلول الفائت، حين باشرت إسرائيل تنفيذ أجندتها الميدانية، عسكرياً.
ونقلت محطة الـ CNN ان حزب الله في رده على المبادرة التي سوف يحملها هوكستاين الى تل ابيب، “رفض الشرط الاسرائيلي بالسماح له بحرية العمل في حال قيام “حزب الله’، بخرق اتفاق وقف اطلاق النار، كما ورفض الحزب، شرط اسرائيل بوقف تسليح الحزبلنفسه وفصل جبهة غزة”.
والجدير ذكره ان المحللين في لبنان كانوا قد توقعوا ان يعمد “حزب الله” الى رفض شروط نتنياهو التي تكبله وتلغيه عسكريا، كون الحزب عبارة عن بنيان امني عسكري قبل اي شيء، ولا يستطيع الا ان يكون حزبا سياسيا عاديا كسائر الاحزاب في لبنان، كما انه لا يأمن غدر اسرائيل لاحقا، بمن تبقى من مسؤوليه وكوادره عندما يصبحون دون حماية ذاتية.
سبب فشل وقف النار
نتنياهو دقّ اول مسمار في نعش وساطة هوكستين، عندما صرح قائلا في خطابه امس الاثنين ان “إسرائيل” ستنفذ عمليات ضد الحزب حتى إن تم توقيع الاتفاق”!
اما عن سبب اصرار نتنياهو على افشال الاتفاق حسب معلومات غربية وردت ل”جنوبية”، فهو عائد لسببين: “الاول ان ان نتنياهو لا يريد تطبيق اتفاق 1701 فقط ،الذي يعتبره انه لا يكفي حاجة امن بلاده، ويريد معه الشروط والملحقات التي وضعها انفا كما اسلفنا، والسبب الثاني انه يريد اعادة عقد شراكة مع حليفه الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب، عبر اتفاق شامل مع ادارته يطمح فيه لتغيير وجه المنطقة كما قال، ويكون الاتفاق مع لبنان جزءا من هذه الشراكة”.
وينتظر نتنياهو حسب المصادر، “استلام تراب للسلطة نهاية الشهر الاول من العام المقبل، كي يباشر استئناف مشروع التطبيع مع الدول العربية الذي توقّف بعد عملية “طوفان الاقصى” قبل عام ونيّف، كما يطمح وبالتعاون مع ادارة ترامب المقربة من موسكو، الى جعل روسيا تنخرط في حلّ شامل لازمات المنطقة، تشمل سوريا بحكم نفوذها التاريخي فيها وتاثيرها القوي على القرار في دمشق”.
نتنياهو دقّ اول مسمار في نعش وساطة هوكستين عندما صرح قائلا في خطابه امس الاثنين ان “إسرائيل” ستنفذ عمليات ضد الحزب حتى إن تم توقيع الاتفاق.
وبناء عليه، وفقاً للمصادر، فان “اسرائيل التي سوف تعود لتسلّم مهمة “شرطي المنطقة” ستكون اولى مهامها طرد النفوذ الايراني من بلاد الشام، وهي لن ترضى بثمن اقل من التطبيع السياسي والاقتصادي مع دول الخليج العربي، التي سوف تكون اول المستفيدين من ضرب اذرع ايران وابعادها عن سوريا ولبنان، اما بالنسبة لمشروع حلّ الدولتين الذي تتبناه ادارة الرئيس الاميركي الحالي جو بايدن كحل جذري للقضية الفلسطينية، فإن الرئيس ترامب كفيل بتجميده طيلة فترة ولايته”.
اذن، فالحرب مستمرة، ووساطة هوكستين لن يكتب لها النجاح، والحرب بين “حزب الله” واسرائيل سوف تستعر اكثر وقد تمتدّ لشهور وتشمل اراض لبنانية كانت بعيدة حتى الان عن ويلات الحرب، وربما شملت كذلك قصف قواعد “حزب الله” في سوريا بشكل مكثّف، ولكن يبقى ان صمود الحزب وظهور مفاجآت كما يقول مناصروه، وحده يمكن ان يغيّر المعادلات والخطط المرسومة.