ترشيح جنبلاط لعون.. هل يوحّد الثنائي والمعارضة؟

ما إن عاد من زيارته الباريسية يرافقه نجله النائب تيمور جنبلاط، زار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط صديقه رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، مع العلم أنّ الأنظار كانت تتجه إلى زيارة جنبلاط لمعراب التي كان  قد حكي أنّه سيحدّد موعدها ما إن يعود من باريس. لكن هذه الزيارة جُمّدت في الوقت الراهن. وعلمت “المدن” “أن لا شيء من هذا القبيل قبل زيارة جنبلاط لسوريا”.

جنبلاط يتبنى

في لقاء عين التينة، وضع جنبلاط بري في أجواء محادثاته مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، كما فاتحه بالجو الأميركي الفرنسي المؤيّد أكثر من أيّ وقت مضى لوصول قائد الجيش العماد جوزاف عون إلى الرئاسة، وأنّه يتجه إلى إعلان تأييد العماد عون للرئاسة. رئيس المجلس الذي يصغي دائماً إلى صديقه وليد جنبلاط، والذي يدرك حجم الضغوط الخارجية والرغبة الأميركية السعودية واليوم الفرنسية في وصول قائد الجيش، لم يبدِ مرونة لناحية “السير بقائد الجيش للرئاسة”. وقالت أوساط مطلعة على حركة المشاورات المكوكية التي جرت منذ عودة جنبلاط من زيارته الخارجية “كما بري كذلك حزب الله، اللذان خاضا معاً معركة تأييد ترشيح حليفهما رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، لن يكون تخلّيهما عن فرنجية لصالح مرشح وضعا سابقا فيتو عليه، وهو قائد الجيش، ولا يزالان”. وتضيف، “فإن كان بري صاحب الدعوة للجلسة وكتلته كما كتلة الحزب لم يتغيّبا يوماً عن حضور الجلسات السابقة، فلن يغيبا عن جلسة التاسع من كانون الثاني”.
توقيت الترشيح
لماذا جوزاف عون، ولماذا في هذا التوقيت؟ تقول مصادر مطّلعة إنّ جنبلاط اتخذ هذا الموقف قبل جلسة التاسع من كانون الثاني 2025 من جهة، ومن جهة أخرى لأنّه التمس جواً خارجياً يميل إلى قائد الجيش، وبذلك يمكن أن يكون عون رئيساً يستطيع الخارج التعاون معه وليس برئيس يكون سبباً لاستمرار الخارج بعزل البلد. وتؤكّد مصادر مطّلعة على أجواء الاشتراكي “اللقاء الديموقراطي أعلن تأييد جوزاف عون حتى لو الآخرين مش ماشيين فيه”.
ترشيح عون صاعقة
إعلان تأييد قائد الجيش في البيان الصادر عن اللقاء الديمقراطي، الذي رأسه هذه المرة وليد جنبلاط، كان صادماً في توقيته على الرغم من أنّه كان متوقعاً. ففي معلومات “المدن”، كان موفد جنبلاط النائب وائل أبو فاعور فاتح من تواصل معهم بالأمر قبل يومين، فأبلغوه أنّ تأييد جوزاف عون من قبل الاشتراكي سيجابه برفض من التيار الوطني الحر. وفي أول تعليق لها على إعلان تأييد عون، قالت مصادر رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل لـ”المدن”: “مش جنبلاط يلي بيرشّح عن المسيحيين! هيدا هنري حلو تاني”. وتقول أوساط مقرّبة من التيار “كيف يمكن أن يُفرض على المسيحيين مرشّح ويطلب منهم القبول به بغضّ النظر عن الإسم؟ كيف يمكن القبول بتجاوز الميثاق وبأن يسترجع بعض الإسلام السياسي في لبنان عاداته بتسمية مرشح لرئاسة الجمهورية من دون التشاور مع المسيحيين؟
أكثر من ذلك، كيف يُطلب الموافقة على هذا الترشيح المفروض من خارج المكون المسيحي، في وقت كان التيار الوطني الحر قد اختلف مع حزب الله عندما قال له إنّه لا يمكن أن يضرب الميثاقية وأن يفرض مرشّحه على الآخرين، بالإصرار على تحدّي الآخرين بترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. وتضيف المصادر “انتهى الزمن الذي يُرشّح فيه المسلمون عن المسيحيين، بغضّ النظر عن الأشخاص الذين يتم ترشيحهم. المسألة مسألة مبدأ احترام الميثاقية والشراكة”.
موقف القوات والمعارضة رمادي
إعلان اللقاء الديمقراطي وقع كالصاعقة على اجتماع المعارضة الذي عقد في بكفيا، بحسب ما أفادت مصادر المجتمعين لـ”المدن”. وردّت السبب “لأنّ أحداً لم يكن يتوقّع إعلان الاشتراكي تأييد قائد الجيش بهذه السرعة، وإن كان معظم الحاضرين قد وضعوا كالتيار الوطني الحر في أجواء توجّه جنبلاط لتبنّي ترشيح عون، وأنّ جنبلاط أصلاً لا يعارض هذا الترشيح، لكنّهم لم يتوقّعوا أن يتم بهذا الشكل وبهذه السرعة”. لكن على الرغم من ذلك، ارتأت معظم مكونات المعارضة والقوات اللبنانية على وجه الخصوص التعاطي بتأنّ مع هذا الإعلان. وقالت المصادر “إن القوات اللبنانية تتخذ الموقف المناسب عندما ترى الوقت مناسباً، وان كلّ كتلة تحدّد الموقف الذي تراه مناسباً.
إعلان اللقاء الديمقراطي تأييد قائد الجيش للرئاسة يصبّ بحسب القوات في إطار دينامية الاستحقاق الرئاسي التي تأخذ مداها. ويحقّ لكلّ كتلة أن تسمّي من تراه مناسباً. فهناك 128 نائباً يحقّ لكلّ منهم أن يقترع لمن يراه مناسباً، والدستور ينصّ على دورات متتالية للاقتراع وكلّ ينتخب من يريد.” معراب التي تحفّظت عن إبداء رأي مباشر في إعلان تأييد قائد الجيش وإذا كانت ستنضمّ إلى مؤيّديه، اكتفت بالتأكيد أنّها لن تقاطع الجلسة كما لم تقاطع أيّ جلسة، “خاصّة وأنّنا اليوم أقوى داخلياً وخارجياً.”
وكما القوات كذلك عدد من أركان المعارضة الذين التقوا، فقد قالوا لـ”المدن” إنّهم لم يحسموا ترشيحهم لأيّ من المرشحين المطروحين ومن بين هؤلاء قائد الجيش، وأنّ الأسماء لا تزال قيد الدرس، إعلان اللقاء الديموقراطي ترشيح قائد الجيش فاجأ الجميع في توقيته. كلّ الخيارات مطروحة للبحث، ومتاحة من اليوم إلى جلسة الانتخاب. السيناريوهات متعدّدة من خيار الانسحاب إلى الانتخاب.
ما دام طرح جنبلاط اصطدم حتّى اللحظة بعدم رغبة الرئيس نبيه بري بالتوافق على قائد الجيش، فإنّ الأمور تبقى غير نهائية. وما سمعه وفد الكتائب الذي حمل رسالة من رئيس الحزب النائب سامي الجميل من رئيس المجلس “عن أنّ تعديل الدستور لتسريح قائد الجيش لانتخابه يحتاج إلى 86 صوتاً، فيما جنرالات آخرون لا يحتاجون لهذا الاجراء”، الأمر الذي فرض تساؤلات عديدة على نقاشات المعارضة.
تطيير الجلسة
إزاء كلّ التطورات الحاصلة، تضع دوائر ديبلوماسية سيناريوهات عديدة قد تشهدها جلسة التاسع من كانون الثاني. فإمّا أن تسلم الجرة من الآن إلى يوم الجلسة وتتبلور تفاهمات تنضم إليها قوى وتقاطعها أخرى، وإمّا أن “يشارك الجميع في فصل جديد من مسلسل انتخاب الرئيس في جلسة يكون رئيس المجلس قد سجّل فيها نقاطاً في ملعب الخارج. لكن تبقى الرئاسة ومعها البلد وما هو مطلوب منه في المرحلة الجديدة التي تعيشها المنطقة الخاسر الاكبر”.
المدن
Exit mobile version