لبنان

الوزير السابق فارس بويز : مصير المنطقة رهن ما سيأتي به الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب

قال وزير الخارجية السابق فارس بويز في حديث إلى «الأنباء»: «بناء على ما ورد في مسودة الورقة الأميركية لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و(حزب الله)، لا بد من تسجيل الملاحظات التالية عليها، والإضاءة بالتالي على العقبات المتخفية بين سطورها».

وعرض بويز لملاحظاته كالآتي:

«1 – تدخل الورقة تعديلات أساسية على أصل القرار 1701، بحيث أضافت بنودا لم تكن واردة فيه، الأمر الذي يحتاج إلى اجتماع جديد لمجلس الأمن من أجل تعديله، وذلك وفقا للقاعدة القانونية القائلة ان القرارات لا تعدل إلا بقرارات مماثلة (pallelisme des formes)، مع إمكانية مواجهة تلك التعديلات حق الفيتو لأي من الدول الخمس ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن.

2 – عدم وجود توازن عادل في الورقة بمثل ما يجب أن تكون عليه الاتفاقيات الدولية، أي انها تتحدث عن انسحاب حزب الله إلى ما وراء الليطاني، فيما يبقى الجيش الإسرائيلي متمركزا على الحدود من الجهة الإسرائيلية، في وقت ممنوع على الجيش اللبناني أن يمتلك أي سلاح مضاد للطائرات أو حتى مقاتلات حربية متطورة. وما فشل صفقة صواريخ الكروتال الفرنسية في العام 1960، إضافة إلى تبخر الهبة الروسية للبنان في العام 2008 التي كانت تشمل سربا من المقاتلات الحربية ميغ 29، واستبدالها يومذاك بطائرات سوبر توكانو غير المقاتلة، سوى خير شاهد ودليل، وهذا بالتالي خلل كبير لا يمكن لحزب الله أن يقبل به أو يركن اليه.

3 – عدم وجود توازن في اللجنة الرباعية التي ستكلف بمراقبة تطبيق القرار 1701، بحيث تتألف من فريق متعاطف بأكمله مع إسرائيل، وقد تواجه داخل مجلس الأمن وخارجه تهمة الانحياز لفريق دون الآخر، إضافة إلى التشكيك في قدرتها على تشكل الضمانة المطلوبة لتطبيق القرار.

4 – إعطاء إسرائيل وحدها دون لبنان حق الرد والتدخل عسكريا تحت عنوان الدفاع عن النفس، ما يعني إلغاء الغاية من القرار 1701 واقتلاعه كقرار أممي من جذوره، علما انه من حق لبنان شرعا وقانونا الرد على اي اعتداء يطول سيادته، عملا بمبدأ العدالة والمساواة والتوازن.

5 – تفكيك الهيكلية العسكرية لحزب الله أينما وجدت على الأراضي اللبنانية، دون تحديد آلية التفكيك ونوع الأسلحة المطلوب نزعها، شرط تعجيزي قد ينتهي بصدام بين الحزب والجيش اللبناني، اذ كان أجدى بمن صاغ المسودة الأميركية ان يحدد على سبيل المثال لا الحصر تفكيك منظومة الصواريخ والمدفعية على اختلاف أنواعها، لا أن يترك هذا الشرط عرضة للتفسير والتقويل، لأن عملية نزع السلاح الفردي ضرب من المستحيل، فهل من هو بحاجة في لبنان لتذكيره بأن الجيش اللبناني لم يتمكن في عز عهد الرئيس فؤاد شهاب من انتزاع البندقية الحربية عن كتف ابن جعفر وحمية وعلوة والمصري وزعيتر في الهرمل وكل البقاع الشمالي؟ وكأن المقصود بهذا الشرط نقل المشكلة إلى الداخل اللبناني بدلا من إبقائها على الحدود الجنوبية حصرا.

6 – تجاهل الورقة لإعادة إعمار لبنان وآلية عودة النازحين اللبنانيين إلى قراهم وبيوتهم، مقابل تأكيدها على عودة سكان الشمال الإسرائيلي إلى مستوطناتهم، خلل مرفوض بالمطلق ولا يمكن السكوت عنه ويتناقض من جهة مع مبدأ التعامل بالمثل، ومن جهة ثانية مع الحقوق المدنية المنصوص عنها في شرعة الأمن.

وعليه يمكن القول إن إمكانية قبول لبنان بالورقة الأميركية كما تسربت إلى الإعلام ضعيفة جدا، فلا رئيس مجلس النواب نبيه بري مستعد للتصادم مع حزب الله نتيجة قبوله بها، ولا الأخير سيرضى بشروط يعتبرها استسلاما وهزيمة».

وردا على سؤال قال بويز: «الورقة الأميركية صيغت بهدف ردها من قبل الدولة اللبنانية، وبالتالي تحميل لبنان عموما وحزب الله خصوصا مسؤولية ما سينتج عن رفضها من تداعيات في الجنوب والمنطقة، خصوصا ان مشروع اليمين الإسرائيلي بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ينطوي على أربعة أهداف استراتيجية وهي:

1 – سحب الولايات المتحدة إلى حرب ضد إيران لضرب وتدمير منشآتها النووية.

2 – التخلص من الأذرع الإيرانية في المنطقة العربية.

3 – إنهاء نظرية قيام الدولتين وبالتالي إلغاء الهوية الفلسطينية، وهذا ما أظهرته الحرب على غزة.

4 الضغط عسكريا على لبنان وسورية لإرغامهما في نهاية المطاف على التطبيع مع إسرائيل».

وختم بويز قائلا: «مصير المنطقة رهن ما سيأتي به الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد تسلمه السلطة في 20 يناير المقبل من سلفه جو بايدن، فإما أن يمارس ضغوطاته على نتنياهو لحمله على القبول بالمستطاع وإحلال السلام، وإما أن يتماهى مع نظريات وتطلعات الأخير وندخل بالتالي في مرحلة مفتوحة على كل الاحتمالات».

الانباء