تركت المغامرات والمخاطر على عاتق الشعب اللبناني وحده، لمؤازرة غزة من دول الطوق، وقد غطى الامين العام السابق للحزب الشهيد السيد حسن نصرالله هذا القرار، بإعفائه كل من سوريا وايران من مهمة المواجهة المباشرة، وكأن القرار قراره، في هذا الشأن ، ولم يجد اى مبرر لاعفاء حزبه وبلده من هذه المهمة.
خاض كلا الطرفان، “حماس” و”حزب الله” حربهما مع اسرائيل، مستندين إلى مسلمتين ظهر خطأهما، الاولى ان اسرائيل لا تستطيع أن تخوض حربا طويلة، والثانية ان الجيش الاسرائيلي غير مستعد لتحمل خسائر بشرية كبيرة، فرفعت حماس شعار افراغ السجون، وربط الحزب وقف حرب الاسناد بوقف الحرب على غزة.
وكلا الهدفين لم يتحققا. فالحكومة الأكثر يمينية والأكثر تطرفا بتاريخ اسرائيل، وجدت في هجوم ٧ اكتوبر فرصتها التاريخية لتدمير غزة وتهجير أهلها، مستندة إلى دعم غربي مطلق بالمال والسلاح، وغض نظر عن اعمال الابادة الجماعية والتجويع، وتدمير البنى التحتية والمستشقيات والمدارس والجامعات، واغتيال العلماء ودكاترة الجامعات والأطباء والمسعفين، وكل ما بناه الشعب الفلسطيني من حضارة في قطاع غزة. ولم تجد “حماس” نصيرا لها غير الحزب في لبنان، وبعض المسيرات من العراق والدعم الممكن من اليمن، عبر مطاردة السفن الحربية الغربية والسفن التجارية، المتوجهة نحو اسرائيل.
اما معظم الدول العربية فلم تكن على الحياد، وإنما بعضها كان في صف العدو، عبر تمرير البضائع لإسرائيل عبر موانئها وارضها واجوائها، وعبر مساهمة قواتها، في التصدي للصواريخ والمسيرات المارة فوق اراضيها لتضرب اسرائيل، كما ان بعضها مول الحرب على غزة.
لم تجد “حماس” نصيرا لها غير الحزب في لبنان، وبعض المسيرات من العراق والدعم الممكن من اليمن، عبر مطاردة السفن الحربية الغربية والسفن التجارية، المتوجهة نحو اسرائيل
بعض العرب ساهم في حصار غزة ومول الحرب ضدها. ولم تلق “حماس” الدعم حتى من السلطة الفلسطينية في الضفة، نتيجة للصراعات فيما بينهما واختلاف السياسات. اما روسيا فكانت منشغلة في حربها مع اوكرانيا، والصين لا تريد التورط بأكثر من الموقف الداعم للفلسطينيين.
استغلت اسرائيل انتخابات الرئاسة الاميركية، لانتزاع اكبر دعم ممكن وهو الدعم الأكبر في تاريخ العلاقات الاميركية الاسرائيلية، وبعض الفلسطينيين راهنوا عل التباينات في المواقف بين اسرائيل واميركا، وهي تباينات من نوع، هل نذبح الشعب الفلسطيني اولا ثم نقرأ الفاتحة ام نقرأ الفاتحة اولا ثم نذبحه؟ وهي تباينات لها علاقة بالانتخابات الاميركية ومصلحة مرشحةالحزب الديموقراطي، او بعلاقة بنيامين نتنياهو بأعضاء إئتلافه اليميني الحاكم.
استغلت اسرائيل انتخابات الرئاسة الاميركية، لانتزاع اكبر دعم ممكن وهو الدعم الأكبر في تاريخ العلاقات الاميركية الاسرائيلية، وبعض الفلسطينيين راهنوا عل التباينات في المواقف بين اسرائيل واميركا
اما سوريا فقد اعفت نفسها من المواجهة، بحجة اوضاعها الداخلية، وايران تراجعت عن الدعم المباشر أمام حضور الاساطيل الاميركية والغربية، وآثرت حماية نظامها على الدخول قي مغامرة غير محسوبة.
وهكذا تركت المغامرات والمخاطر على عاتق الشعب اللبناني وحده، لمؤازرة غزة من دول الطوق، وقد غطى الامين العام السابق للحزب الشهيد السيد حسن نصرالله هذا القرار، بإعفائه كل من سوريا وايران من مهمة المواجهة المباشرة، وكأن القرار قراره، في هذا الشأن ، ولم يجد اى مبرر لاعفاء حزبه وبلده من هذه المهمة.
سوريا فقد اعفت نفسها من المواجهة، بحجة اوضاعها الداخلية، وايران تراجعت عن الدعم المباشر أمام حضور الاساطيل الاميركية والغربية، وآثرت حماية نظامها على الدخول قي مغامرة غير محسوبة
غزة ولبنان مع الدعم الصاروخي اليمني، وحدهما مقابل جيش اسرائيلي مدجج بالسلاح، مع دعم غير محدود بالمال والسلاح واساطيل غربية جاهزة للتدخل لمنع هزيمة العدو وضمان تفوقه وعشرات آلاف المقاتلين المرتزقة، انضموا إلى صفوف العدو، ومحيط عربي فيه من يدعم إسرائيل. اما غزة فمعها ملايين الأدعية والابتهالات، وسواعد ابطالها وشجاعتهم الاسطورية.
وهذا العرض ليس لتبرير دمار غزة وتشريد شعبها، بل هو للمساءلة. اين أخطأت حماس في حساباتها، هل توقعت موقفا عربيا مختلفا، وهي التي انحازت إلى المحور المدعوم من إيران وعادت معظم الدول العربية، هل توقعت موقفا مختلفا من السلطة في الضفة الغربية، وهي العليمة بأوضاعها، هل راهنت على فتح الجبهة السورية دعما لغزة، وهل توقعت دخول إيران في المواجهة، وحصول حرب اقليمية تؤدي الى التحرير؟
اين أخطأت حماس في حساباتها، هل توقعت موقفا عربيا مختلفا، وهي التي انحازت إلى المحور المدعوم من إيران وعادت معظم الدول العربية
ونحن ننحني أمام صمود وتضحيات وبطولات قادة وكوادر ومقاتلي “حماس”، وتضحيات، وصلابة الشعب الفلسطيني في غزة وفي فلسطين وفي كل مكان، نرى ان هذه التضحيات تستأهل تقييما يرد على هذه الأسئلة وغيرها، كما تعالج قضية الوحدة الفلسطينية، التي بفقدانها خسر الشعب الفلسطيني الكثير، وعلى “حماس” الإجابة على سؤالين، الاول هو دور اسرائيل في تشجيع الانقسام الفلسطيني وتمويله عربيا، للهروب من مستحقات اتفاق أوسلو بحجة الانقسام الفلسطيني، والثاني ،هو التدقيق في مدى معرفة المخابرات الاسرائيلية بالاتفاق في غزة، والتحضير لعملية كبيرة ضدها، وغض النظر عنها لتوريط “حماس” في عملية عسكرية تكون مبررا لتدمير غزة وتشريد اهلها؟ رحم الله الشهيد يحي السنوار ورفاقه وشهداء الشعب الفلسطيني.
جنوبية