في خطوة رمزية لكنها ذات دلالات، خاطبت حكومة تصريف الأعمال الجنوبيين من مدينة صور، بعقد جلسة قبل ظهر السبت في ثكنة بنوا بركات للجيش اللبناني في المدينة التاريخية، بحضور قائد الجيش العماد جوزف عون الذي عرض لخطة الانتشار في الجنوب.
جلسة ناقضت ما كان يرسم في الحرب الإسرائيلية الموسعة لجهة إحداث تغيير ديموغرافي لدى غالبية سكانية من (الطائفة الشيعية)، بدفعها إلى ما وراء جسر القاسمية شمالا، بعد تدمير ممنهج استهدف أحياء في صور وجوارها.
ولفت في كلمة ميقاتي الافتتاحية للجلسة، إلى تأكيده «ان القرار 1701 سيطبقه الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني، بالتعاون والتنسيق مع قوات اليونيفيل». وهذا الموقف سيلقى ردود فعل محلية معارضة، كون المعارضة ترى في الاتفاق طريقا إلى نزع سلاح «حزب الله»، فيما التقى ميقاتي في موقفه مع ما أعلنه أمين عام الحزب الشيخ نعيم قاسم، بحصر الاتفاق جنوب الليطاني.
وبين قرارات حكومية تعول على دعم خارجي لجهة تنفيذها، سواء ماليا أو بتثبيت الاستقرار، بقي الجنوبيون في أرضهم وعاد من نزح منها، حتى لو لم يجد منزله. عودة في توقيت إقليمي حساس للغاية والأشد قتامة لجهة رسم خريطة جديدة للمنطقة.
وكانت التطورات الإقليمية الدراماتيكية المتسارعة أثارت القلق حول مسار اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان على الرغم من التطمينات الدولية، وخصوصا من الدول الراعية لهذا الاتفاق والمشاركة فيه ولو في شكل غير مباشر، من خلال التأكيد على التمسك بالآليات السياسية التي تؤدي إلى توافر الاستقرار في الجنوب وتاليا لبنان.
وعلى الرغم من الذرائع الإسرائيلية المتعددة حول اكتشاف بنى تحتية حزبية أو تدمير منازل لأفراد من «حزب الله» شاركوا في القتال، فإن استمرار هذا الخرق، إضافة إلى تحليق الطيران على مدار الساعة يثيران القلق من ردات فعل غير متوقعة وغير محسوبة، قبل مباشرة لجنة المراقبة الخماسية عملها بشكل فعلي. وقالت مصادر مطلعة لـ «الأنباء»: «الجهد الذي يقوم به الجيش اللبناني لجهة حماية الحدود مع سورية في ظل ما يحصل هناك، قد يؤثر على إرسال المزيد من الدعم إلى وحدات الجيش المنتشرة في الجنوب».
إلا ان المصادر أكدت «وجود قرار دولي كبير بطي صفحة اللا استقرار في الجنوب، وان تريث تحرك لجنة المراقبة، وان كان يثير قلق الكثيرين، يهدف إلى السير بخطى ثابتة نحو تكريس استقرار دائم، وان الاستفزازات الإسرائيلية والخروقات يمكن ان تتوقف فور مباشرة اللجنة مهامها».
وقال مصدر نيابي بارز لـ «الأنباء»: «التطورات المتسارعة في الإقليم وتداعياتها على لبنان بالطبع، تتطلب موقفا وطنيا جامعا من خلال الاستعجال بالتواصل والتوافق على رئيس، بحيث يتمكن المجلس النيابي من إنهاء الشغور الرئاسي في الجلسة المحددة في 9 يناير المقبل».
وأضاف المصدر: «ليس بالأمر الصعب تحقيق ذلك اذا تراجعت الاهتمامات بالمراهنة على المواقف الخارجية وتطوراتها، خصوصا ان التجارب الطويلة على مدى سنوات وعقود أظهرت ان الرهانات الخارجية، وان حققت بعض المصالح لأطراف معينه لفترة، فإنها على المدى البعيد تضر بالجميع وحتى بأصحاب هذه الرهانات».
وفي الملف الرئاسي، تحدث مسؤول سياسي سابق رفيع لـ «الأنباء» عن «بورصة» أسماء لمرشحين يحظون بالقبول من مرجعيات عدة بينها «الثنائي» و«التيار الوطني الحر» والحزب «التقدمي الاشتراكي»، إلى عدد من المستقلين الذين انضووا في كتل غير ثابتة.
وأشار إلى «توافق» أشبه بالتقاطع بين هذه الكتل على اسم شخصية مسيحية أمنية وديبلوماسية سابقة، مع رفض لها من قبل كتلة «القوات اللبنانية». وتوقع انتقال «القوات» بعد الانتخاب إلى صفوف المعارضة.
إلا ان المسؤول السياسي لم يسقط تأثر الانتخابات الرئاسية بما يحصل الآن في سورية، «وخصوصا في حال تحرك الخلايا النائمة في المناطق اللبنانية المتاخمة للحدود السورية، وعودة تنظيم «داعش» تاليا إلى الواجهة. وعندها تصبح الحاجة إلى مرشح آخر في الخدمة العسكرية الحالية، ليتولى محاربة الإرهاب، وتنظيف المناطق اللبنانية منه، وتكرار ما قام به في 2017».
ورأى المسؤول السياسي «ان البلاد تتأرجح على خيارات رئاسية باتت مرتبطة بالتطورات الإقليمية، أكثر من الأزمة الاقتصادية – المالية الخانقة التي تمر بها اعتبارا من نهاية 2019».
وتابع: «اذا دخلت الفصائل المسلحة إلى حمص، فستكون على مقربة من الحدود اللبنانية. كذلك في حال وصولها إلى مداخل العاصمة دمشق، وحتى لو لم تدخلها، قد نشهد في الداخل اللبناني اضطرابات في حال طلب الإيرانيين من حزب الله إرسال مقاتلين إلى الداخل السوري. وقد يؤدي ذلك إلى تسلل من المسلحين إلى الأراضي اللبنانية مع توقع تسجيل نزوح للسوريين».
وتابع المسؤول السياسي الذي واكب كل العهود الرئاسية في لبنان منذ عام 1982: «في الأساس بدأ الحديث عن تأجيل الانتخابات الرئاسية اللبنانية تلازما مع عودة الحرب في سورية. وباختصار، لن يمر ما يحصل في سورية من دون ارتدادات على الداخل اللبناني».
وأضاف: «إذا صحت نظريات مسعد بولس (مستشار الشؤون العربية والشرق الأوسط للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب) والتي لم يصدر أي نفي لها أو توضيح، فسنسلك الطريق إلى تأجيل الانتخابات، او بالحد الأدنى، تنعقد الجلسة في 9 يناير من دون انتخاب رئيس».
وتناول ما وصفه بـ «مشكلة جديدة سنواجهها وهي تتعلق بكلام (الأمين العام لحزب الله) الشيخ نعيم قاسم الخميس، عن ان اتفاق وقف إطلاق النار يشمل جنوب الليطاني فقط، في حين ان نص الاتفاق واضح وهو مغاير لطروحات الشيخ نعيم. والسؤال: كيف نصل إلى تطبيق اتفاق ما وكل طرف يفسره على هواه؟».
المصدر : الأنباء