علي موسى دقدوق، أو «أبو حسين ساجد»، أو الكثير من الأسماء المستعارة الأخرى. إسم كان على كل لسان عام 2007 في العراق. دخل السجن وخرج. ثم اختفى عن الأنظار منذ ذلك الحين.
تبيّن بعدها، إنه عمل على جيش سرّي، بتنسيق مباشر مع الأمين العام السابق لحزب الله السيد حسن نصرالله. هذا الجيش أقلق الاحتلال الإسرائيلي، فقرر التخلص منه.
هذه حكاية علي موسى دقدوق، ومصيره بعد التقارير عن استهدافه أمس الأحد في منطقة السيدة زيبب في دمشق.
من هو علي موسى دقدوق؟
ولد عام 1969، وانضم ابن بلدة عيتا الشعب جنوب لبنان إلى حزب الله حال تأسيسه عام 1983. وبعد فترة وجيزة تم تعيينه قائداً لوحدة العمليات الخاصة لحزب الله في لبنان أو ما عُرف لاحقا بـ«الوحدة 2800».
سرعان ما ترقّى علي موسى دقدوق، وتولى تنسيق العمليات في قطاعات كبيرة من لبنان. وتقول تقارير إنه كان مسؤولا عن الأمن الشخصي لأمين عام الحزب في التسعينيات السيد حسن نصرالله.
عام 2005، وصل إلى إيران لتدريب مقاتلين عراقيين إلى جانب فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
في ذلك الوقت، سعى فيلق القدس إلى تكرار نموذج القتال الذي استخدمه حزب الله وبدأ في تدريب العراقيين في مجموعات من 20 إلى 60 للعمل كوحدة أو «مجموعة خاصة».
ويُزعم أيضًا أن دقدوق قدّم المشورة لزعماء عصائب أهل الحق قيس الخزعلي وليث الخزعلي وأعضاء آخرين في عصائب أهل الحق، عندما انتقل إلى العراق برفقة يوسف هاشم من حزب الله.
وبحسب حسابات تابعة لعصائب أهل الحق، أسس دقدوق ونظّم ما يسمى «المجاميع» ضد القوات القوات الأميركية في العراق، ونفذت عام 2006 عمليات عدة أثناء عدوان تموز الإسرائيلي، باسم «عمليات نصرة الوعد الصادق».
هجوم كربلاء في 2007
في 20 كانون الثاني من العام 2007، هاجم مسلحون من عصائب أهل الحق يرتدون زياً أميركياً ومركبات وبطاقات هوية أميركية مركز التنسيق المشترك الإقليمي في كربلاء حيث كان مسؤولون أميركيون وعراقيون يعقدون اجتماعاً.
وقتل المسلحون خمسة جنود أميركيين وأصابوا ثلاثة آخرين في الهجوم المخطط له والمنفذ جيداً، والذي يُزعم أنه من تخطيط علي موسى دقدوق، بحسب وثائق محكمة كُشف عنها عام 2012.
بعد شهرين، في 20 آذار، اعتقلته القوات الأميركية في العراق مع الأخوين خزعلي في مدينة البصرة. وزعمت السلطات الأميركية إنه كان بحوزة دقدوق وثائق تفصيلية تناقش التكتيكات المستخدمة لمهاجمة القوات العراقية وقوات التحالف.
في 17 كانون الأول 2011 أعلن البيت الابيض ان الولايات المتحدة سلمت بغداد علي موسى دقدوق «آخر المعتقلين لديها في العراق قبل نهاية انسحاب جيش الاحتلال الاميركي». وقال البيت الأبيض حينها إن «دقدوق ناشط في حزب الله وقد أتى إلى العراق لتدريب مسلحين بمساعدة فيلق القدس»، بحسب ما نشرت قناة «المنار».
لكن في عام 2012 وجهت إليه تهم من قبل مدعين عامين عسكريين في الولايات المتحدة، بالقتل والإرهاب والغدر والتجسس، من بين جرائم حرب أخرى.
وعلى وجه التحديد، قال نص الإدعاء إن دقدوق كان قد وضع الخطط لهجوم كربلاء، الذي نفذته جماعة عصائب أهل الحق، وأنه قدم المشورة للمجموعة حول كيفية التسلل إلى المجمع باستخدام الزي الأميركي والعراقي وكتم أصوات المركبات المقتحمة.
وفيما لم تنجح المحاولات الأميركية لنقله إلى الولايات المتحدة محاكمته، قررت محكمة عراقية إطلاق سراحه في أيار 2012، ليخرج من الاعتقال في تشرين الثاني من العام نفسه.
وفي 19 تشرين الثاني، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية عن إدراجه على قائمة العقوبات، باعتباره مسؤولا عن هجمات عام 2007.
علي موسى دقدوق ووحدة ملف الجولان
منذ ذلك الحين، انقطعت الأخبار عن دقدوق. ولم يعرف كثيرا عن الأدوار التي لعبها، إلى أن أتى عام 2018 حين أعلن الجيش الإسرائيلي رسميا عن دور جديد لدقدوق: مسؤول وحدة ملف الجولان، التي أسماها «شبكة إرهاب الجولان».
وزعم الجيش في بيان رسمي أن نصرالله أرسل دقدوق رسميا إلى سوريا عام 2019، بعد سنوات من مشاركة الحزب في الحرب هناك، لتأسيس شبكة للحزب «معقدة وسرية»، تعمل من دون مراقبة قوات نظام بشار الأسد.
تركز وحدة ملف الجولان «على مراقبة إسرائيل من عدة نقاط مراقبة ومواقع عسكرية بالقرب من الحدود». ويسمح لهم قربهم من إسرائيل بنقل المعلومات حول النشاط اليومي للاحتلال إلى حزب الله.
إغتيال علي موسى دقدوق؟
يوم الأحد 10 تشرين الثاني الجاري، نفذ الطيران الإسرائيلي غارة على منطقة السيدة زينب جنوب دمشق.
وكشفت هيئة البث الإسرائيلية أن الغارة استهدفت علي موسى دقدوق نفسه، عبر قصف شقة سكنية كان متواجدا فيها. وقالت القناة إلى جانب وسائل إعلامية أخرى وقناة «الحدث» إن دقدوق قُتل في الهجوم.
إلا أن وكالة الصحافة الفرنسية، نقلت عن مصدر أمني لبناني وعن المرصد السوري لحقوق الإنسان اليوم الإثنين، أن دقدوق «أصيب لكنه لم يُقتل». وكشف المرصد للوكالة عينها أن هناك قياديًا آخرا «مُهمًا» قُتل في الغارة هو «لبناني الجنسية، وينشط في سوريا»، وقُتل إلى جانبه 9 آخرين.
من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع السورية «استشهاد سبعة مدنيين بينهم نساء وأطفال»، وإصابة 20 آخرين، إثر الغارة الإسرائيلية المذكورة.
أسماء علي موسى دقدوق وعائلته.. وعلاقته بنصرالله
ما نعرفه عن هذا القيادي في حزب الله، أن دوره السرّي والكبير جعله يحمل الكثير من الأسماء المستعارة وهي: حميد محمد جبر اللامي، حميد محمد اللامي، أبو حسين ساجد، حميد محمد دقدوق الموسوي، حميد محمد جبر الموسوي، حميد ماجد عبد اليونس.
سكن علي موسى دقدوق بين لبنان، وحي الكرادة الشرقية الشهير في العاصمة العراقية بغداد. ليس معلومًا عدد أولاده، لكن في 8 كانون الأول 2023، نعى حزب الله رسميا حسن دقدوق، تبين إنه نجل القيادي علي دقدوق. حينها أعلن الجيش الإسرائيلي إنه بدأ في «تصفية وحدة الجولان» واغتال عناصر منها.
وتم الكشف بعدها، أن حسن دقدوق استشهد مع عنصرين آخرين كانوا يخططون لهجوم نادر من الجدار، بعد سنوات من الهدوء على هذه الجبهة.
كذلك، كشف الجيش الإسرائيلي إن طريقة عمل «وحدة الجولان» كانت بسيطة من ناحية المهمات الموكلة للعناصر السوريين واللبنانيين داخلها، لأنها كانت كسجلّ مراقبة يومي لتحركات جيش الإحتلال. لكن من بعدها، كان يتقرر كيفيه تنفيذ عملية أمنية كبيرة.
كان دور هذه الوحدة سرّيا جدا وتابعة لمكتب نصرالله بنفسه كما يزعم الجيش الإسرائيلي، كي لا تتعرض قدرتها على العمل للخطر. وبحسب مزاعم الجيش، كان السيد نصرالله يرى فيها نوعاً من مستوى «دورية هيئة الأركان العامة» (سييرت متكال) التي تُعتبر نخبة وحدات الكوماندوز في الجيش الإسرائيلي.
*المصادر: الإعلام الحربي في المقاومة الإسلامية، صحيفة «يديعوت أحرونوت»، صحيفة «الراي»، وزارة الخزانة الأميركية، قناة «المنار»، صحيفة «نيويورك تايمز» (نصّ الإدعاء الأميركي)، بيانات الجيش الإسرائيلي، معهد واشنطن، صحيفة «الأخبار»، حسابات موالية لحزب الله على تلغرام، حسابات موالية لعصائب أهل الحق على تلغرام، صحيفة «جيروزاليم بوست»، صحيفة «الشرق الأوسط»، معهد ISW
جنوبية