قال العميد المتقاعد من قوى الأمن الداخلي د.عادل مشموشي في حديث إلى «الأنباء» إن النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات الرئاسية الأميركية، كشفت عن تحول جوهري في التوجهات الأميركية بشكل عام، وستكون لها انعكاسات هامة على الساحتين الدولية والإقليمية وعلى الساحة اللبنانية.
ورأى ان «هذا التحول يكمن في انتقال سدة الرئاسة بعد منافسة قوية بين الحزبين المتناقضين في التوجهات، إذ إن لدى كل من الحزب الجمهوري والديموقراطي رؤيته المختلفة عن الآخر، سواء على مستوى القضايا المحلية أو الموقف من الحرب الدائرة في الشرق الأوسط، والتي كانت العامل الأهم في نتائج الانتخابات التي أظهرت تأييدا كبيرا لترامب من قبل الرأي العام، أو الناخبين من أصول عربية، وجاءت كمحاسبة للسياسة التي يتبعها الرئيس جو بايدن تجاه الحرب التي خضع فيها لإملاءات (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو. وقد كانت هذه السياسة امتدادا لسياسة (الرئيس السابق باراك) أوباما التي كانت تساير إلى حد ما إيران».
وأعرب مشموشي عن اعتقاده بأن «التوجه لدى إدارة ترامب وفريقه سيكون مختلفا كليا، وهو تحدث في إطارين: الأول أنه أعطى وعودا على المستوى الداخلي بخفض الضرائب وتحسين الاقتصاد، والثاني وهو الأهم في طروحاته هو إحلال السلام وإنهاء كل الحروب والصراعات على المستويين الدولي والإقليمي».
وأكد مشموشي «أننا سنشهد في الفترة الانتقالية للسلطة في الولايات المتحدة الأميركية ضراوة في الحرب لجهة الوتيرة والنتائج العسكرية على الأرض ولاسيما على امتداد الجبهة اللبنانية، او ربما نشهد هدنة أو وقفا لإطلاق النار خلال أسبوع أو اسبوعين، مع الإشارة إلى التشدد الإسرائيلي لناحية تعديل ولو بموجب بروتوكول القرار 1701، أي أن يتاح لإسرائيل المجال بأن تبقى الساحة الجوية على امتداد الأراضي اللبنانية مكشوفة أمام الكيان الإسرائيلي. وأن يبقى لبنان كما هو اليوم تحت المراقبة الإسرائيلية. وأن يبقى لها الحق، كما تطرح، بالتدخل فيما لو استشعرت أن ثمة خروق أو عدم التزام في تنفيذ القرار الدولي 1701، أي أن تتحكم به ويمكن لها العودة إلى القصف والقتال في أية لحظة».
وفي هذا السياق رأى مشموشي «أن إيران ستبذل كل ما لديها بغية عدم سقوط حزب الله، أي أنها ستسعى إلى تقديم كل الإمكانيات اللوجستية والعسكرية ليبقى قادرا على التصدي لمحاولات الخرق الإسرائيلي أو اجتياح الأراضي اللبنانية. لكن بمجرد دخولها البري، فإن ذلك سيولد مقاومة، أن لم تكن من جانب حزب الله فهي من جميع اللبنانيين. فكيف بالأحرى إذا كان حزب الله موجودا، وبالتالي على إسرائيل أن تنسحب خارج الأراضي اللبنانية بموجب أي اتفاق سيحصل».
وردا على سؤال حول أهداف الحرب المستمرة على لبنان بعد أن تخطت إسرائيل السقوف العالية، وهي اغتيال قادة حزب الله، رأى مشموشي «أنه ينبغي الاطلاع على المواقف الإسرائيلية المتعاقبة لمعرفة كيف يفكر العدو الإسرائيلي، الذي وضع أهدافا وهي: استعادة الرهائن عند حماس، وعودة سكان المستوطنات الشمالية إليها.. انما هذه الأهداف ما هي إلا شماعة لمواصلة حرب الإبادة الجماعية في غزة وتقويض كل القدرات والإمكانات والبنى التحتية في لبنان وخصوصا في المناطق الحدودية، لكي تمنع أو تؤخر عودة الأهالي اللبنانيين إلى قراهم التي جرى مسح وتجريف العديد منها، ودمرت المساكن على رؤوس أصحابها، ونسفت الأبنية ودور العبادة وجرفت الطرقات وقضت على الحياة فيها».
ورأى مشموشي أن الجبهة الحدودية اللبنانية ستبقى مشتعلة، «ليس لأن حزب الله يريد ذلك، بل لأن ايران تعمل على إبقاء هذه المعركة مفتوحة لحين حصول حل شامل على مستوى المنطقة وإفساح المجال للمفاوضات الديبلوماسية، مع الإشارة إلى أن هذه المعركة لا تخوضها إسرائيل منفردة، بل هناك دعم أميركي ومن خلفه بريطانيا ودول حلف شمال الأطلسي، وهم شركاء وإن تظاهروا بغير ذلك».
وأشار مشموشي «إلى أن إسرائيل وبعد أن تزودت بعدد كبير من طائرات أف16 و35 و18، أعلن نتنياهو بأن بلاده ستتولى الرد منفردة على ايران».
وهي قامت بتحرشات عسكرية متتالية لجر ايران إلى معركة مباشرة معها أو مع الولايات المتحدة الأميركية أو مع الحلف الأطلسي.
وختم مشموشي: «يسعى نتنياهو إلى تقليم الأذرع الإيرانية، ليتسنى له فيما بعد التوجه مباشرة إلى ضربها، في وقت كان التساؤل ما اذا كان سيضرب المفاعل النووي والمنشآت النفطية؟. فالضربة التي تلقتها ايران لم تكن شاملة ولم تتمكن إسرائيل من تقويض كل الدفاعات الجوية الإيرانية. وهناك شكوك أن يحصل الرد الإيراني، لكن من المحتمل جدا أن تلجأ إسرائيل إلى ضربة ثانية تقضي فيها على معظم الصناعات العسكرية لتتطرق بعدها إلى ضرب المنشآت النووية».
الانباء