التحضيرات قائمة للوصول إلى اتفاق على مرشح لرئاسة الجمهورية، تمهيدا لانتخابه في جلسة 9 يناير 2025 التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، وأرفقها بالإعلان عن توجيه الدعوة إلى السفراء العرب والأجانب للحضور، تأكيدا على النية بانتخاب رئيس، وتقبل الأخير التهاني إلى جانب بري، بعد تلاوته اليمين الدستورية.
إلى الآن لم يتم الاتفاق على اسم معين ونهائي. إلا ان الثابت ان الجميع يعملون بغية الوصول إلى «إنتاج رئيس»، بعيدا عن احتمال تعطيل الجلسة بإفقادها النصاب القانوني البالغ 86 نائبا، أو بتعطيل الدورة الثانية، أو الدورات التي تلي الدورة الأولى، والتي يشترط للفائز فيها نيل نصاب الثلثين في الدورة الأولى، ثم الأكثرية المطلقة أي النصف زائدا واحدا (65 صوتا) اعتبارا من الدورة الثانية.
والثابت ان الرئيس بري الذي يقود «الثنائي» الشيعي من موقع «الأخ الأكبر» بحسب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، لن يدخل إلى جلسة وهو غير متيقن من هوية الرئيس.
والثابت أيضا، ان بري يتمسك بمعادلة قوامها: رئيس يقبل به الثنائي، وينال تأييد كتل رئيسية مسيحية ويحظى بقبول من الطائفتين السنية والدرزية.
ولن يغامر رئيس المجلس بالدخول في لعبة تنافسية كما جرى في جلسة انتخاب نائب رئيس المجلس النيابي، التي احتاجت دورة ثانية وحسمت بفارق صوت واحد لمصلحة النائب الياس بوصعب المدعوم من بري و«التيار الوطني الحر» (وقتذاك).
وفي أفضل الحسابات، فإن بري يرضى السير بمرشح متفق عليه مسبقا، من دون اشتراط فوزه من الدورة الأولى، لكن مع تيقن تخطي رقمه الانتخابي عتبة الـ 72 صوتا. وللغاية يكثف رئيس المجلس اتصالاته بالكتل الناخبة كلها، ويحثها على المشاركة في الحكم بتمثيلها في حكومة العهد الأولى، سعيا إلى التصدي للملفات الشائكة التي ترزح تحتها البلاد.
وقد نجح رئيس المجلس في تكريس معادلة تثبيت الجلسة ومنع المعترضين من السعي إلى تعطيلها في العلن، من طريق أخذ البعض ذريعة من كلام مستشار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب للشؤون العربية والشرق الأوسط اللبناني – الأميركي مسعد بولس، الذي دعا إلى التروي في اختيار الرئيس ومنح المساعي الخاصة بذلك الوقت الكافي، تحت شعار «من انتظر سنتين وأكثر، يستطيع الانتظار شهرين أيضا».. للعمل على تأجيل الاستحقاق الرئاسي بـ «تطيير» جلسة 9 يناير.
ولطالما اتهمت المعارضة الرئيس بري بإغلاق أبواب المجلس النيابي أمام الانتخابات الرئاسية، وعدم تحديد موعد للجلسة الثالثة عشرة، بعد جلسة أخيرة منتصف يونيو 2023، شهدت منازلة انتخابية بين الوزيرين السابقين جهاد أزعور (59 صوتا) وسليمان فرنجية (51 صوتا). من هنا تبدو المعارضة محشورة في عدم الذهاب إلى الجلسة، وتاليا عدم اتفاقها على مرشح تخوض به المنازلة، وعدم إعداد تحضيرات مسبقة لضمان الفوز، إلى عدم القدرة على تعطيل النصاب القانوني من دون مساعدة خارجية، تتخللها «مونة» على نواب للغياب عن الجلسة، وبالتالي إفقادها النصاب القانوني.
وهكذا وضع بري الجميع أمام موعد التاسع من يناير، بعدما «حشر» البعض في مواقفهم، فيما هو لا يزال يفاوض أطرافا دولية حول هذا المرشح أو ذاك، وتحديدا حول المرشح الأوحد للغالبية الدولية والإقليمية قائد الجيش العماد جوزف عون.
ويرى مراقبون انه يجب على العماد عون المبادرة بمفاتحة الرئيس بري بترشيحه، والتفاهم معه على أمور عدة، أسوة بما فعل سلفه العماد ميشال عون، الذي قصد عين التينة مرات عدة قبل انتخابه وإثر إنجازه التسوية الرئاسية مع الرئيس سعد الحريري، وقبلها إبرام «اتفاق معراب» مع «القوات اللبنانية» منتصف يناير 2016.
وفي الجلسة الأخيرة بين الرئيس ميشال عون وبري في عين التينة قبل انتخاب الأول، خاطب الرئيس بري ضيفه: «النصاب في جيبي، لكني لا ألعب هذه اللعبة». وكان ما يعرفه الجميع من انتخاب عون من دون ان يتعاون معه الرئيس بري، لاعتبار الأخير ان التسوية الرئاسية لم تشمله.
وهنا تتكرر الدعوة إلى قائد الجيش إلى التخاطب المباشر مع بري في الملف الرئاسي، والطلب إليه العمل على تسهيل العوائق الأساسية من اعتراض «التيار الوطني الحر» وتحفظ «حزب الله» على ترشيحه.
في أي حال، قد تكون الخطوة التي لن تحصل بالضرورة، متأخرة مع تقديم الرئيس بري مرتين اسمي مرشحين اثنين، يمكن ان تتقاطع عليهما جهات سياسية عدة، ويلقيان قبولا من الجهات الدولية والإقليمية.
في الميدان، تواصل إسرائيل حربها غير المعلنة على الجنوب من جانب واحد، وسط تريث او تأخير في السير بالإجراءات التي ينص عليها القرار 1701. وفيما الحكومة اللبنانية لم تنجز حتى الآن، وبشكل كامل خطة انتشار الجيش في جنوب الليطاني، فإن لجنة المراقبة المشرفة على تطبيق اتفاق وقف النار، أمامها أسبوع على الأقل لتباشر عملها بشكل فاعل.
وهذا الأمر يعطي الجيش الإسرائيلي مزيدا من الوقت لاستمرار أعمال التفجير والتجريف وشن بعض الغارات. وقد زار رئيس اللجنة الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز ترافقه السفيرة ليزا جونسون والوفد العسكري المرافق مقر الرئاسة الثانية في عين التينة أمس، والتقى الرئيس نبيه بري.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الأنباء»: «يقوم الجيش الإسرائيلي بهدم المنازل وتفجيرها في المنطقة الحدودية، والتي يملكها مقاتلون وعائلاتهم، أو الذين يتم نعيهم عبر وسائل الإعلام تزامنا مع عودة الجنوبيين إلى أرضهم».
وأضافت المصادر: «من خلال الطلعات اليومية وعلى مدار الساعة للطيران الحربي الإسرائيلي والمسير الذي لا يغادر الأجواء، يقوم الجيش الإسرائيلي برصد تحرك مقاتلي حزب الله، وكوادره لتكون ما يشبه بنك أهداف، وربما لوضعه أمام لجنة المراقبة المشرفة على تطبيق وقف إطلاق النار عندما تباشر أعمالها الأسبوع المقبل».
على صعيد آخر، يأتي اجتماع حكومة تصريف الأعمال غدا السبت في ثكنة بنوا بركات للجيش اللبناني في مدينة صور، مناسبة للإطلاع على حجم الدمار الذي خلفته الغارات بشكل ممنهج لضرب المدينة التاريخية بشكل خاص والجنوب بشكل عام.
وسيكون أمام مجلس الوزراء بحث خطة انتشار الجيش في الجنوب، في حضور قائد الجيش. ويؤخذ على الحكومة التأخير في إقرار خطة الانتشار، ما أعطى فرصة للجيش الإسرائيلي لممارسة المزيد من الخروقات في شكل واسع.
المصدر : الأنباء